علم نفس و روحانيات

الكذب…مساوء أن تكون كاذباً مقنعاً على نفسك و الآخرين

مساوء و نتائج الكذب و أضرار عدم الصدق و الصراحة لدى بعض الناس الذين يتخذون ذلك في اساليب متعددة في خداع انفسهم و الآخرين لتحقيق أهداف قد تبدوا ناجحة على المدى القصير و لكن لها آثار سلبية في المستقبل

الناس الذين يأخدون الطرق الأقصر في تحقيق رغباتهم قد يخدعون أنفسهم عندما يظنوا أنهم أذكى مما هم عليه بالفعل، و سوف يعود هذا الأسلوب لينال منهم في النهاية.

الصراحة قد تكون السياسة الأنجح، ولكن الكذب له ميزاته – حتى عندما نخدع أنفسنا. العديد من الدراسات تشير أن هؤلاء البارعون في فن خداع أنفسهم قد يكونوا أكثر نجاحاً في مجالات الرياضة و الأعمال. قد يكونوا أيضاً أكثر سعادةً من الناس الذين يصدقون مع أنفسهم دوماً. لكن هل هناك مساوء في تصديق كذبنا على أنفسنا؟

دراسة بارعة قام بها باحثون في جامعة ييل لتجربة هذه الفكرة عن طريق مراقبة ما يحدث عندما يغش الناس في الإمتحانات.

أجرى الباحثون أختبارات تتعلق بإخضاع الطلاب للإجابة عن أسئلة حول الذكاء و المعلومات العامة. أعطي نصف المشاركين نسخة من ورقة الإمتحان مكتوب عليها – ما يظهر أنه بشكل خاطئ و عفوي – إجابات في أسفل الصفحة. هذا يعني أنه على الطلاب مقاومة الرغبة في النظر في الأجابات بغية تدقيق أجاباتهم مع الإجابات المكتوبة في الأسفل خلال الإمتحان.

الطريق المختصر و ميزات الكذب لا تقاوم

كما يمكن توقعه، بعض هؤلاء المشاركين لم يستطيعوا ألا أن يغشّوا. بشكل كلي، المجموعة التي كان لديها الأجابات مكتوبة في الأسفل قد حققوا نجاحاً أكبر في الإمتحان من المجموعة الأخرى – بالرغم من أنه تم أختيار الطلاب بطريقة عشوائية من نفس الجامعة لذلك كانوا وسطياً على نفس المقدار من المهارات.

السؤال المهم في هذا البحث هو: هل كان الطلاب الذين غشّوا يعرفون أنهم كانوا يعتمدون على الأجابات المكتوبة؟ أم أنهم أرجعوا نجاحهم في الأمتحان فقط على ذكائهم الشخصي؟

الطريقة التي فحص بها الباحثون عن الأجوبة كانت بأن سألوا الطلاب أن يتوقعوا كيف سوف يكون أدائهم في أمتحان آخر. سمح لهم بالنظر سريعاً على ورقة الإمتحان لكي يتمكنوا من رؤية أن الأسئلة مشابهة لأسئلة الإمتحان السابق – و الأهم أن يعلموا أنه لا يوجد أجابات مكتوبة بالخطأ في أسفل الصفحة هذه المرة.

الباحثون إعتقدوا أن الطلاب الذين غشوا يدركون الآن أن الغش ليس خياراً متاحاً لهم في المرة الثانية، لذلك يتوجب عليهم أن لا يتوقعوا أداءً أفضل في الأمتحان الثاني.

لم يحدث هذا، الخداع النفسي كان سائداً. الطلاب الذين أتيح لهم الإجابات مكتوبةً في الأمتحان الأول توقعوا أنهم سوف يحصلون على درجات أعلى في الإمتحان الثاني كانوا كأنهم حصلوا على دفع نفسي في تقييم ذكائهم. عندما قاموا بأداء الإمتحان الثاني، بالطبع، حصلوا على درجات أقل بكثير.

قام الباحثون بتجربة أخرى لمعرفة فيما إذا كان التأثير سببه إعتقاد الغشاشين المتضخم في قدراتهم الذاتية. في هذه التجربة، عرض على الطلاب جائزة نقدية تتناسب مع  مقدار دقة توقعاتهم في نتائج الأمتحان الثاني. بكل تأكيد، هؤلاء الذين أتيح لهم أن يغشوا قد أفرطوا في تقييم قدراتهم و خسروا المال – ربحوا 20% أقل من باقي الطلاب.

النتائج المستخلصة من هذه التجارب هي أن الأشخاص في هذه الدراسة – أشخاص يشبهوننا بشكل كبير- قد قاموا بخداع أنفسهم في إعتقادهم بأنهم كانوا أذكى مما هم عليه بالفعل. قد يكون هناك فوائد من القيام بذلك – الثقة بالنفس، الرضى، أو السهولة في كسب ثقة الآخرين – ولكن هناك أيضاً أضراراً دون شك. عندما تتغيّر الظروف و عندما نحتاج أن نتوقّع بدقة كيف سوف يكون أدائنا، سيكون هناك ثمناً ندفعه عندما نعتقد بأننا أفضل مما نحن عليه بالفعل.

حقيقة أن يكون هناك ثمناً للخداع الذاتي له عواقب مثيرة للإهتمام. أخلاقياً، معظمنا سوف يقول أن الخداع الذاتي هو خطأ. و لكن بصرف النظر عن كون الخداع الذاتي أمر غير مرغوب، يجب أن نتوقّع وجوده في كل منا بدرجات معينة (بسبب فوائده)، و لكن سوف يكون محدوداً أيضاً (بسبب عواقبه).

الخداع النفسي ليس أمراً جيداً على الدوام عندما يكون بجرعات كبيرة – يجب أن يكون هناك غالباً كمية منه تكون فيها الفوائد أكثر من العواقب. نحن جميعاً على الأغلب نخدع أنفسنا بدرجات متفاوتة. المفارقة هي، لأن الأمر يتعلّق بالخداع النفسي فإننا لن نعرف كم هو غالباً أن نقوم بذلك.

تعليقات