تطوير ذاتي

الندم على الماضي…أسبابه و نتائجه و رؤية في الحل

أسباب نتائج علاج الندم على الماضي و استراتيجيات التغلب عليه عن طريق إتباع خطوات عملية و منهجية في عمق التحليل النفسي و تساعدنا في التخلّص من مشكلة الندم و آثارها.

عالقون في الماضي

أحياناً يعيش بعض الناس على ذكريات حدثت منذ سنين مضت، و يعيش البعض الآخر على ذكريات حدثت منذ أسبوع مضى. من الأعراض التي تشير إلى اننا نعيش في الماضي:

  • نتمنى لو يعود بنا الزمن للوراء حتى نتصرف بطريقة مختلفة في بعض أمور حياتنا.
  • نعاني الندم على أشياء قمنا بها في الماضي.
  • نقضي الكثير من الوقت في التساؤل عما قد تكون حياتنا عليه فقط لو أننا أخترنا طريقاً آخراً في الماضي
  • نشعر أحياناً أن أفضل أيام حياتنا قد أصبحت وراءنا.
  • نعيد إسترجاع ذكريات من الماضي كمشهد من فلم نعيد رؤيته مراراً و تكراراً.
  • نتخيّل أحياناً بأننا نقول أو نفعل أشياء بشكل مختلف عن ما كان عليه في الماضي محاولين بذلك خلق نتائج مختلفة.
  • نعاقب أنفسنا بأن نشعر أننا لا نستحق السعادة و نشعر بالخجل من الماضي.

قد يكون التقييم الذاتي أمر جيد و لكن العيش في الماضي يمكن أن يكون له نتائج نفسية سلبية تمنعنا من الأستمتاع بالحاضر و من التخطيط للمستقبل. لا يجب أن نبقى عالقين في الماضي. يمكننا أن نختار العيش في الحاضر.

لماذا نعيش في الماضي

الشعور المتواصل بالذنب، العار، الغضب هي بعض المشاعر التي سوف تجعلك عالقاً في الماضي. قد تشعر في عقلك الباطن بأنك لو عشت بائساً لمدة كافية فأنك سوف تتمكّن من أن تغفر لنفسك. قد لا تعي أنك في داخلك لا تظن بأنك تستحق العيش بسعادة. الخوف من المضي قدماً يجعلنا نرغب في أن نبقى عالقين في الماضي.

العيش في الماضي يشتت تركيزك عن الحاضر

ليست فقط الأحداث الحزينة أو المأساوية هي التي تجعل الناس يركزون على الماضي. غالباً نعيش حالة عاطفية رومانسية مع الماضي كطريقة للهروب من مشاكل الحاضر.

إذا كنا على سبيل المثال غير سعداء في علاقتنا العاطفية الحالية أو أذا كنا لسنا في علاقة عاطفية حالياً فقد نجد في ذلك حافزاً للتفكير في علاقة حب عشناها في الماضي. قد نتمنى أنه لو نجحت هذا العلاقة في الماضي لكانت حياتنا أفضل اليوم. أنه من المغري أن نركّز تفكيرنا في الظن كم كانت الحياة سهلةً آنذاك. قد نبدأ بالشعور بالندم على القرارات التي أتخذناها و ما أوصلتنا إليه اليوم و نخوض في ظنون “لو تزوجت فلانة”، “لو لم اترك دراستي”، “لو لم اسافر إلى البلد الفلاني”. الحقيقة تبقى في أننا لا نعرف ما قد تؤوول إليه حياتنا لو قمنا بخيارات مختلفة في الماضي. و لكنه من السهل علينا أن نظن أن حياتنا قد تكون أفضل لو أستطعنا تغيير الماضي.

مشكلات العيش في الماضي

الخوص في الماضي لن يغيره، على العكس، تضييع الوقت في التفكير بما حدث و انتهى سوف يقودنا إلى مزيد من المشاكل في المستقبل. بعض النتائج السلبية الناتجة عن العيش في الماضي و التي تؤثّر على قدرتنا بأن نكون على أفضل أحوالنا:

  • يضيع الحاضر من بين أيدينا. لا تستطيع الإستمتاع بالحاضر طالما أن ذهنك مشغول بالماضي بشكل مستمر. سوف تفقد الفرص المتاحة لك في الحاضر و تخسر التجارب المستفادة منها. الإنشغال في الماضي يجعل التحضير للمستقبل مستحيلاً.
  • لن تتمكّن من تحديد أهدافك و الحفاظ على الحوافز التي من شأنها خلق التغيير عندما يكون جزء كبير منك عالقاً في الماضي.
  • العيش في الماضي سوف يؤثّر على مهاراتك في صنع قراراتك. عندما يكون لديك أمور عالقة من الماضي سوف تتحول إلى نزاعات داخلية و تشكّل ضبابية في تفكيرك. لن تتمكّن من إتخاذ قرارات صحية لما هو أفضل لك اليوم عندما لا تقدر على تخطّي أموراً حدثت في الماضي لا تملك القدرة على تغييرها.
  • العيش في الماضي قد يقودك إلى الإكتئاب. الخوض في أحداث سلبية سوف تراكم مشاعر سلبية. عندما تشعر بالحزن فإنك سوف تستحضر مزيداً من الذكريات الحزينة و بالتالي سوف تعيش في حلقة مفرغة تجعلك عالقاً في نفس الحالة العاطفية السلبية.
  • التعاطف و الرومانسية مع الماضي ليست بالأمر المفيد. من السهل عليك أن تقنع نفسك بأنك كنت سعيداً آنذاك. و لكنك على الإغلب سوف تبالغ في إعتبار أن الأمور كانت جيدة في الماضي و بالتالي سوف تبالغ في أن الأمور أصبحت أكثر سوءً في الحاضر.
  • العيش في الماضي له آثار سيئة على صحتك الجسدية. التفكير بشكل دائم حول أحداث سلبية يزيد الإلتهابات في جسدك، حسب دراسات أجريت من قبل باحثين في جامعة أوهايو عام 2013 ، فإن العيش في الماضي قد يزيد مخاطر تعرضك لأمراض مرتبطة بالقلب و السرطان و فقدان الذاكرة.

غيّر طريقة تفكيرك و تخلّص من المعوقات التي تدفعك الى الوراء

التفكير في الماضي يبدأ كعملية ذهنية و لكن مع الوقت سوف تؤثّر على عواطفك و سلوكك. عندما تغيّر طريقة تفكيرك حول الماضي سوف تتمكّن من السير إلى الأمام:

  • خصص الوقت في التفكير في حدث في الماضي. أحياناً يحتاج عقلنا إلى فرز الأمور، و عندما تحاول منع نفسك من التفكير فسوف تتراكم هذه الأفكار خلال اليوم. عوضاً عن محاولة كبت هذه الذكريات، ذكّر نفسك بأنك تستطيع التفكير بها بعد الغداء. و عند ذلك إعطي نفسك عشرون دقيقة للتفكير بما تريد. عندما ينتهي الوقت امضي في أداء أمر آخر.
  • إعطي نفسك أموراً أخرى تفكر بها. ضع خطةً تساعدك في ذلك. على سبيل المثال، قرر أنه عندما تفكّر في تلك الوظيفة التي لم تحصل عليها بأنك سوف تحوّل تفكيرك إلى التخطيط للقيام بأمر آخر. هذه الطريقة مفيدة خصوصاً عندما تهاجمك الإفكار السلبية عندما تخلد إلى النوم.
  • حدد أهداف للمستقبل. من المستحيل التفكير في الماضي عندما تخطط للمستقبل. حدد أهداف على المدى القصير و البعيد و أبدأ في تنفيذ خطوات عملية مطلوبة لتحقيق أهدافك. هذا سوف يمنحك أموراً تتطلع إليها و بنفس الوقت تمنعك من النظر كثيراً إلى الماضي.

ذكرياتنا ليست بالدقة التي نظنها. على الإغلب نحن نبالغ عندما نتذكر أحداث حزينة و نجعل منها كارثية. عندما تفكّر في شيء قلته خلال إجتماع ما و من ثم شعرت بالندم عليه، فقد تظن بأن ردود فعل الآخرين كانت أكثر سلبية مما هي عليه بالفعل. عندما تفكّر في ذكريات سلبية حاول أن تقول بالإستراتيجيات التالية لكي تتمكّن من وضع تجاربك في منظورها الحقيقي:

  • ركّز على الدروس المستفادة. عندما تصادف أوقات عصيبة فكّر في ما تعلمته منها. قابلها بالرضى و أنظر كيف يمكنك أن تصبح إنساناً مختلفاً من خلال هذه التجارب مع العلم أن ذلك ليس بالضرورة أمراً سيئاً. ربما تعلّمت أن تعبّر عن نفسك بعد خوض تجارب سمحت فيها للآخرين أن يعاملوك بشكل سيء، أو قد تدرك بأنه عليك أن تكون أكثر صراحةً لكي تتمكّن من الحفاظ على علاقة مع شخص ما. من أكثر دروس الحياة فائدةً تلك التي تعلمناها من خلال تجارب مريرة.
  • فكّر في الحقائق و ليس العواطف. التفكير في أحداث سلبية قد يكون محبطاً لأنك غالباً تركّز على مشاعرك خلال تجاربك. و لكن عندما تفكّر في تجربة من خلال الحقائق و التفاصيل المخزنة في ذاكرتك فإن شعورك بالإحباط سوف يتناقص. عوضاً عن التفكير في مشاعرك خلال تجربة ما قم بالتركيز على تفاصيل أخرى. عندما تجرّد عواطفك المحيطة بتجارب الماضي فأنك سوف تكون أقل عرضةً للعيش في الماضي بطريقة سلبية.
  • أنظر الى المواقف بطرق مختلفة. عندما تقوم بإعادة النظر في الماضي، قم بتجريب طرق أخرى يمكنك أن تنظر من خلالها الى نفس الموقف. لديك قدرة في طريقة صياغة قصتك. نفس القصة يمكن أن تحكى بطرق لا متناهية دون أن تفقد مصداقيتها. إذا كانت نسختك الحالية مزعجة، إنظر كيف يمكنك النظر إليها بطريقة أفضل.

تعليقات

إدارة الموقع