إقتصاد و أعمال

الفقر و الثراء….رؤية في أنماط التفكير

الكثير من الناس يعملون يكدحون في العمل و لكن لا يبدوا بأنهم يكسبون المال الكافي. في كتابه “أبي الغني أبي الفقير” يشرح روبرت كيوساكي كيفية الخروج من هذه الدائرة المغلقة و تحقيق الإستقلال المالي.

على كل إنسان أن يذهب إلى المدرسة، يحصل على درجات عالية و ثم يحصل على وظيفة جيدة, صح؟ بالطبع لا، حسناّ على الأقل إذا كان الإستقلال المالي هو ما نسعى إليه. نظام التعليم هو السبب الأول لمعاناتنا المالية. الجامعات تعلم الناس كيف يعملون من أجل المال، ولكن لا تعلمنا كيف يمكن أن يعمل المال من أجلك. هذا النقص في المهارات المالية الذي ندرسه في الجامعات يعني أنه حتى أصحاب التعليم العالي بشكل عام لا يعلمون كيف يتصرفون في المال. و النتيجة هي أن معظم الناس يقعون في مصيدة العمل لدفع فواتيرهم و يلاحقون إلتزاماتهم الشهرية طوال حياتهم.

هذه نتيجة حزينة توصّل إليها الكاتب في كتابه، ولكن بالمقابل فهو يطرح مخرج. طريقة للمضي قدماً. المشكلة الأساسية في العمل من أجل المال هي أن الوظيفة هي حل على المدى القصير لمشلكة طويلة الأمد. يعتقد الناس أنه عندما يحصلون على علاوات، أو عندما يحصلون على وظيفة جديدة فإنهم بالنهاية سوف يحصلون على المال الكافي. ولكن إذا كنا لا نعلم آلية عمل المال فلن نحصل أبداً على ما هو كافي. المال وحده لن يحل أي شيء. بل أنه سوف يزيد من ديون كثير من الناس. إذاً ما هو سر الوصول إلى الإستقلال المادي؟

“إعرف ماذا تعني الأصول أو المكتسبات، إحصل عليهم و أصبح ثرياً”

هذا كل شيء, سهل أليس كذلك؟ المشكلة أن الناس ليسوا على دراية ملائمة في كيفية صرف أموالهم. الكثير لا يعرفون الفرق بين الأصول المكتسبة، الشيء الذي يضع المال في جيبك، و بين الديون و الإلزامات المالية، الشيء الذي يأخذ المال من جيبك. النقطة الأساسية هي أن الطريقة الوحيدة لتصبح مستقل مالياً تكون في أن تقوم بمراكمة الدخل لخلق الأصول المكتسبة القادرة على دفع نفقاتك. ولكن الكثير من الناس يقومون بشراء سيارة أو جهاز لوحي (إلزامات مالية) بدل أن يستثمروا هذا المال في الأسهم أو العقارات (الأصول المكتسبة). و هو الفرق على سبيل المثال في العائد المادي بين أن تشتري أسهم في شركة آبل بدل أن تشتري احد منتجات الشركة.

الخوف من الخروج عن مسار الحياة المقبول عموماً بين الناس يلعب دوراً هاماً في عملية صناعة قراراتك المالية. ولكن إذا كنت لا تريد أن يتحكم بك المال كما يفعل بالكثيرين إذاً عليك على تقوم بأشياء مختلفة عن حشود الناس.

ولكن أنت تملك حالياً دخل يقوم بخلق أصول مكتسبة لأنك تملك منزلاً، أفضل استثمار قد قمت به، أليس كذلك؟ ليس بالفعل. الكاتب يذكر العديد من الأسباب:

  • معظم الناس يعملون طوال حياتهم لدفع أقساط منزل لن يملكوه أبداً.
  • المنازل لا يزيد سعرها بشكل مستمر أو في كل الظروف.
  • كلفة تضييع الفرصة عالية جداً، لأنه عندما تكون جميع أموالك مجمدة بالمنزل لن يكون هناك مال باقي للإستثمار في الدخل الذي يخلق الأصول المكتسبة.

لماذا الأثرياء يزدادون ثراءً

لقد سمعت من العديد من الناس حولي بأن نفقاتهم دائماً تزداد طرداّ مع دخلهم. لا يفهمون لماذا يكسبون مال أكثر من السابق و بنفس الوقت لا يملكون المال الكافي في نهاية الشهر. إنهم يعانون مالياً لأنه عندما يزداد دخلهم تزداد أيضاً نفقاتهم. ولكن أصولهم المكتسبة لا تزيد بل تزيد إلزاماتهم المالية. إنهم يعملون ليجلعون رؤساء عملهم أثرياء، يعملون لدفع الضرائب و يعملون لأجل البنك ليدفعون ديونهم. العمل بجهد أكبر يعني أنه عليك أن تعطي حصة أكبر من مجهودك للفئات الثلاث السابقة. الأثرياء يزدادون ثراءً لأن أصولهم المكتسبة تخلق دخل أكثر من كافي ليغطي نفقاتهم، و جزء من هذا الدخل يعاد استثماره في خلق أصول مكتسبة إضافية و بالتالي زيادة دخلهم المتوالد بشكل أكبر. في عالم الأسهم و البورصة، الدخل الصافي المعاد إستثماره يسمّى عائدات مكتسبة. إعادة استثمار الدخل في أصول جديدة يفعّل آلية الفائدة المتراكمة و التي وصفها أينشتاين بالأعجوبة الثامنة من عجائب الدنيا.

تحدثنا كثيراّ عن الأصول المكتسبة التي تولّد الدخل و لكن ماذا يقع في إطار هذا التصنيف؟ إليكم بقائمة من الأشياء لتعطيكم بعض الأفكار:

  • عمل لا يتطلب وجودك
  • أسهم
  • عقار يقوم بخلق دخل
  • مكتسبات شهرية من ملكيات فكرية تملكها.
  • و أي شيء يزداد بالقيمة مع مرور الوقت.

إذا كنت تعتقد أن الإستثمار هو أمر مخيف و أنه مجرّد توصيف آخر للمقامرة فننصحك بأن تقرأ المزيد عن الإستراتيجيات ذات المخاطر القليلة و العائدات الكبيرة المتوافرة في مفاهيم الإستثمار.

الإختصار و الدروس:

الآن بعد أن أصبحت على دراية بالمشاكل الجوهرية في مفهوم العمل لأجل المال، سوف نختصر بعض الدروس الأساسية من الكتاب و التي قد تساعدك في تحقيق حياة تكون فيها غير معتمد على راتبك الشهري أو ضماناتك الإجتماعية.

  • بالنسية للعديد من الناس، مهنتهم هي دخلهم، بالنسبة للأثرياء، أصولهم المكتسبة هي دخلهم.
  • إذا أردت أن اشتري شيئاً، يجب أولاً أن أخلق سيولة كافية من أصولي المالية لتغطية تلك النفقات. إشتري الرفاهيات آخراً و ليس أولاً.
  • السيولة المالية الفائضة الناتجة عن أصولي المالية يجب أن يعاد إستثمارها في أصول أخرى.
  • بكل بساطة لا تقوم بأستهداف دخل إضافي بل قم بإستهداف أصول إضافية.
  • إجعل نفقاتك منخفضة و إلزاماتك المالية قليلة.
  • إخلق عملك الخاص لحماية أصولك المالية. الموظف يكسب و يتم خصم ضرائب من دخله، و ثم يصرف ما تبقى. العمل الخاص يكسب ثم يصرف كل ما هو مطلوب للعمل و ثم يتم خصم الضرائب مما تبقى. هذه أكبر ثغرة قانونية يستخدمها الأثرياء.
  • تعلم القليل عن الكثير. تعلم شيء عن المحاسبة، الإستثمار، الأسواق، القانون، المبيعات، التسويق، الريادة، الكتابة، الخطابة و التفاوض. الأستثمار في المعرفة يعود عليك بالفائدة الأفضل.
  • إعمل لتتعلم، لا تعمل لتكسب. إبحث عن وظيفة تمكنك من تعلّم واحدة أو أكثر من المهارات السابقة.
  • لا تقم بكل بساطة بشراء الأستثمارات بل إستثمر أولاً في تعلّم الإستثمار.
  • سوف تصبح ما تتعلّمه، لذلك إختر مواد دراساتك بحذر. إبحث عن الناس الأفضل في مجال تخصصهم ثم إدرس و طوّر نفسك من خلالهم.
  • كل إنسان ثري خسر المال في فترة ما من حياته، و لكن العديد من الفقراء لم يخسروا قرشاً واحداً. اللعب على تفادي خسارة المال يعني أنك لن تكسب المال أبداً. الشعور بالفوز يكمن في الخوف من الخسارة.
  • الفشل يلهم الفائزون و يهزم الخاسرون. عندما لا يسير أمر ما كما خططت له، دعه يلهمك لتحاول طريقة مختلفة. تعلّم و إمضي إلى الأمام.
  • سيطر دائماً على عواطفك. لا تدع الخوف أو آراء العامة من الناس تملي عليك أفعالك. عندما تهبط أسعار الأسهم، تقوم الناس بالهرب. لكن، عندما يكون هناك تخفيضات على الأسعار في متجر محلي يقوم الناس بشراء كل ما يستطيعون شراءه.
  • أحط نفسك بالأشخاص الأكثر ذكاءً منك و أدفع لهم جيداّ.
  • القول بأنك “لا تستطيع شراء شيء ما” يعطل عمل عقلك. السؤال “كيف أستطيع شراء هذا الشيء؟” يفتح أفق عقلك و يقوم بتفعيل عبقريتك المالية و يدفعك لإيجاد حل مبدع.
  • إدفع لنفسك أولاً. كل شهر, قم أولاً بإستثمار مبلغ معيّن في الأصول المكتسبة التي تخلق الدخل قبل أن تدفع الفواتير. لا تملك هذا؟ استخدم هذا الضغط النفسي للدفع في إلهامك بخلق طرق إبداعية للحصول على المال الكافي لدفع الفواتير قبل أن يقوم هؤلاء بمطاردتك. إنه أمر صعب، و لكنه مبدأ مهم. هذا لا يعني أن تكون عديم المسؤولية. دائماً قم بدفع فواتيرك. فقط قم بالدفع لنفسك أولاّ و ليس آخراً. إذا دفعت لنفسك آخراً سوف لن تشعل بالضغط النفسي، و لكنك على الأغلب لن تستطيع أن تجد مصادر دخل جديدة بنفس الوقت.
  • يجب أن يكون لديك هدف واضح في عقلك. لماذا تريد كسب مال إضافي على الدوام؟ بالنسبة لي، لأني لا أريد أن أعمل طوال حياتي. أريد أن يكون لدي تحكّم في قراراتي كيف أقضى أوقاتي. أيضاً أريد أن أساعد أبوي مالياّ، لقد عملوا طوال حياتهم و يستحقون تقاعداّ مريحاّ. أكتب أهدافك أيضاً لأنها سوف تبقي لديك الحافز مستمراّ.
  • الإستماع أكثر أهمية من الكلام. لا تجادل و تفكر بفمك بشكل مستمر بل قم بطرح الأسئلة و إستوعب أفكاراّ جديدة.
  • في أسواق العمل لا تتبع الحشود و لا تحاول أن تقوم بتوقيت السوق. الأرباح تصنع عندما تشتري و ليس عندما تبيع.

لا يبدوا أن كل شخص متفق تماماً مع هذه الأفكار المبسطة التي طرحها الكاتب حول مبادء صناعة المال و أنا أتفق مع هذا جزئياً. و لكن هناك معرفة كبيرة يمكننا أن نكتسبها إذا نظرنا إلى هذه المفاهيم بشكل أعمق.

 

تعليقات

إدارة الموقع